كلمة سلطنة عُمان الافتتاحية في اجتماع الدورة الـ٢٧ للمجلس الوزاري المشترك بین مجلس التعاون والإتحاد الأوروبي
فيما يلي نص الكلمة الافتتاحية التي ألقاها معالي السيد بدربن حمد البوسعيدي وزير خارجية سلطنة عُمان في بداية أعمال الدورة السابعة والعشرين للمجلس الوزاري المشترك بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في مسقط:
أصحاب السمو والمعالي والسعادة الوزراء الموقرین ورؤساء وأعضاء الوفود المحترمین،
الضیوف الكرام، السلام علیكم ورحمة الله وبركاته، صباح الخیر جمیعا إنني سعید جداً بترحیبي بكم جمیعًا في مسقط.
ویسعدني المشاركة في رئاسة ھذه الدورة للمجلس الوزاري المشترك بین مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، مع صدیقنا العزیز معالي جوزیف بوریل.
نتطلع إلى محادثات مثریة وبناءة وإلى اتخاذ خطوات مھمة معا نحو تطویر العلاقة السیاسیة والاقتصادیة بین الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخلیج العربیة بشكل أكبر وإلى آفاق أرحب.
قبل البدء في بنود جدول أعمالنا، أود التعلیق على التطورات المقلقة للغایة في فلسطین وإسرائیل خلال الأیام الماضیة. حتى قبل ھذه الأحداث الأخیرة، فقد أكثر من 200 فلسطیني وقرابة 30 إسرائیلي حیاتھم في أعمال العنف في الضفة الغربیة ھذا العام. أسوأ سنة من حیث العنف منذ عام 2005. أنا متأكد أنني أتحدث نیابة عن الجمیع عندما أدعو الجمیع إلى ضبط النفس، وإلى وقف إطلاق النار فوراً، والإفراج عن الاسرى من جمیع الأطراف والالتزام بالقوانین الدولیة. ولكن یجب معالجة أسباب هذا العنف، وحتى یتم حل معاناة الفلسطینیین بشكل صحیح وفقًا للقانون الدولي، لن نشھد السلام.
الآن، نعود الى جدول أعمالنا، كما قال الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لدى مجلس التعاون مؤخراً، فإن هذا الاجتماع یمثل حدثاً مهماً في تطویر شراكتنا الاستراتیجیة.
تتشكل علاقتنا الاقتصادیة والسیاسیة بناءً على قیمنا المشتركة، ومن جانبي ارتأیت أنه من المناسب أن نبدأ اجتماعنا هذا بتأمل هذه القیم، وأهميتها كإطار للحوار والعمل.
أعتقد أن تجمعنا ھنا في ھذا المؤتمر ھي الفرصة المثلى للمشاركة في حوار جوھري یھدف إلى مكافحة انتشار الإسلاموفوبیا والتمییز ضد الادیان. نحن قلقون للغایة من أن تتسبب أعمال الكراھیة الإسلاموفوبیة في تحریض العنف ضد المسلمین.
أعتقد أننا جمیعًا نتفق بشكل جماعي على أننا نؤمن بقدرة المنظمات الإقلیمیة على تعزیز الأمن والاستقرار، وتعزیز النشاط الاقتصادي وزیادة الرخاء والرفاھیة لمواطنینا.
نعتقد أيضاً أن هذا النشاط الاقتصادي، وتعمیق العلاقات الاقتصادیة بیننا، یمكن أن یكون وسیلة قویة للعلاقات السیاسیة، وتعزیز السلام، وتجنب النزاع. وفي ھذا الصدد، فإن الاتحاد الأوروبي یُعد إنجازا تاریخیا نموذجیا.
ومن أجل البناء على شراكتنا، آمل أن نستطیع إحیاء الجھود لتطویر بیئة تجاریة حرة بیننا.
نعتقد أن ثقافاتنا، بكل تنوعاتھا، یمكن إثراؤھا من خلال التفاعل الیومي لمواطنینا مع بعضھم البعض – كشركاء تجاریین، باحثین علمیین، معلمین وطلاب، مضیفین وزوار من جمیع الأطیاف.
إننا نثمّن أيضاً، الیوم ربما أكثر من أي وقت مضى، دور المنظمات متعددة الأطراف وأھمیة التشاور المنتظم والجوھري داخلھا وبینھا. كل ھذا، بالطبع، مدعوم بالتزامنا المشترك بنظام دولي قائم على احترام القواعد والقوانین الدولیة والالتزام بتطبیقھا.
نود أن یكون عملنا المشترك یركز ویجدد التركیز على قضایا حقوق الإنسان. فنحن نعلم جمیعا أن العمل من أجل تأمین وتحسین حقوق مواطنینا مستمر.
لا توجد نقطة نھایة، حیث تتعاقب الأجیال، ونعمل باستمرار من أجل معاییر أعلى وأفضل. ھذا ھو ما یمثل الروح الإنسانیة الحقیقیة، وھو الحجر الأساسي للعدالة الاجتماعیة التي نعتز بھا جمیعًا.
خلال العام الماضي، قامت المفوضیة الأوروبیة وممثلھا السامي للشؤون الخارجیة والسیاسة الأمنیة بتحدید بعض الأولویات الواضحة والمناسبة لتجدید وتطویر الشراكة الاستراتیجیة بین مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة والاتحاد الأوروبي. إننا نرحب بھذه المبادرة ومعھا تعیین الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الخطوات التي تم اتخاذھا بالفعل لتعزیز التمثیل الأوروبي في دول مجلس التعاون.
لقد حددت المفوضیة والممثل السامي ستة مجالات ذات أولویة لشراكتنا الاستراتیجیة تتمثّل في: الازدھار، والانتقال الأخضر وأمان الطاقة، والاستقرار الإقلیمي، والتنمیة البشریة، والإنسان والمؤسسات.
بما أننا جمیعًا على درایة بھذه الوثیقة ومضامینھا، لا أرى حاجة الآن لمناقشة كل من ھذه الأولویات بالتفصیل.
بدلاً عن ذلك، أود أولاً أن أقترح إضافة إلى ھذه الأولویات، اعتباراً سیاسیاً إضافیاً قد یساعدنا في كیفیة المضي قدماً.
ثانیًا: أود أن أقترح ثلاثة مجالات محددة، ضمن ھذه الأولویات، التي من خلالھا قد نسعى في تحقیق بعض الإجراءات الملموسة في الأشھر التي تلي ھذا الاجتماع.
ثالثًا وأخيراً: أود أن أقترح أولویة إضافیة أعتقد أنھا قد تكون ذات قیمة خاصة لنا جمیعًا والتأكید علیھا، في سیاق استشراف المستقبل.
اقتراحي الأول:
هو أننا یجب أن نفكر في شراكتنا من منظور عالمي ضمن إطار متعدد الأقطاب. ما أقصده بذلك ھو الإدراك بأننا نعیش في عالم بھ مراكز متعددة للقوى الاقتصادیة والسیاسیة، حیث لا یمكن للدول والتجمعات الإقلیمیة تنظیم علاقاتھا وفقًا لنماذج التحالفات الحصریة المألوفة.
یقوم مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة بتنفیذ علاقاتھ الخارجیة على أساس الحرص على الحفاظ على علاقات جیدة مع جمیع الشركاء المحتملین. نرى علاقتنا المتطورة مع الاتحاد الأوروبي في ھذا السیاق، ونرى الاتحاد الأوروبي أيضاً كشریك حیوي في تطویر نھج مشترك نحو التعددیة القطبیة.
بالنسبة للنقطة الثانیة:
أود بشكل خاص أن ألفت الانتباه إلى – وأقترح أن نتحرك نحو اتخاذ إجراءات ملموسة في ثلاثة مجالات محددة تم التعرف إلیھا ضمن جدول أعمال الاتحاد الأوروبي لشراكتنا الاستراتیجیة. هي:
1. نرى أن علینا التحرك لإقامة مجموعة من الخبراء في مجال الطاقة وتغیر المناخ، ویجب أن نحدد كمھمة رئیسیة لھذه المجموعة تطویر مجموعة من التوصیات لزیادة فعالیة الاستثمار في قطاع الطاقة الخضراء.
2. علینا أن نتخذ إجراءات جوھریة لتطویر تعاوننا في مجال الأمن السیبراني. وھنا ستعتمد شراكتنا الاقتصادیة المتطورة على الأمن والأمان الرقمي القوي. كما ستعتمد جھودنا لمكافحة الإرهاب على ذلك أيضاً.
3. وتماشیا مع اھتمامنا بالروابط بین الأفراد والشباب وتركیزنا على تطویر الجیل القادم، یمكننا اتخاذ خطوات لتسھیل حركة وتبادل الأشخاص بین الجانبین بشكل أكبر من خلال إشراك طلاب دول مجلس التعاون ضمن برنامج إیراسموس التابع للاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى ھذه الأفكار التي تقع ضمن الأولویات التي تم بالفعل تحدیدھا في رؤیة المفوضیة للشراكة الاستراتیجیة، أود أیضا أن ننظر في إضافة أولویة أخرى وھي البحث والابتكار.
بالطبع، هذا مفھوم ضمن مجالات الأولویات الموجودة، ولكنني أعتقد أنھا تمثل أھمیة كبیرة لدرجة أنھا تستحق النظر كأولویة قصوى بحد ذاتھا. أعتقد أن ھذا المجال یحمل إمكانیات كبیرة لتحقیق الفوائد المتبادلة حیث نواجه معًا التحدیات والفرص المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، واستكشاف الفضاء، والانتقال الأخضر، وغیرھا من المواضیع والمجالات المھمة.
سأنھي ملاحظاتي الأولیة هنا وأختتم آملا لكم اجتماعا مثمرا خلال زیارتكم إلى مسقط وأجدد مرة أخرى امتناني لكم جمیعا على كافة الجھود والأعمال قبل وأثناء وبعد ھذا الاجتماع.
والسلام علیكم ورحمة الله.
هذه نسخة عربية غير رسمية، للاطلاع على النص الإنجليزي الرسمي، انقر هنا.