The-Sultanate-of-Oman-affirms-its-steadfast-foreign-policy

كلمة سلطنة عمان أمام الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة

26 سبتمبر 2022

كلمة سلطنة عمان أمام الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ألقاها سعادة السفير الدكتور محمد بن عوض الحسان مندوب سلطنة عمان الدائم لدى الأمم المتحدة بتاريخ 26 سبتمبر 2022م:

معالي الرئيس، تشابا كوروشي

نتقدم إليكم وإلى بلدكم الصديق جمهورية المجر بالتهنئة لإنتخابكم رئيساً للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مُعربين عن تضامننا معكم وسائر الدول الأعضاء في إنجاح أعمال هذه الدورة، مقدرين في نفس الوقت جهود رئيس الدورة السابقة للجمعية العامة.

كما لا يفوتنا تسجيل كلمة شُكر وثناء لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على مساعيه الحثيثة في قيادة هذه المنظمة والنهوض بمهامها النبيلة وتطوير آلياتها بما يعزز من فعاليتها ويواكب متطلبات العصر، مؤكدين له دعم بلادي سلطنة عُمان لجهوده الرامية لتحقيق العدالة والسلام في ربوع العالم أجمع.

معالي الرئيس،

تنتهج سلطنة عُمان سياسة راسخة، تقوم على رؤية عميقة وثابتة وتجربة ثرية مستخلصة من الموروث الحضاري والتاريخ الإنساني. وهي بذلك تؤكد على ثوابت سياستها الخارجية في الوقوف مع الحق والعدل وتعزيز التعاون الإيجابي وتوثيق روابط التعارف والصداقة والمساهمة في توطيد دعائم الأمن والسلم الدوليين. إن سلطنة عمان على يقين من أن إقامة السلام وصيانته في العالم أمر ضروري لخير الشعوب، وأنه لا يُمكن الحفاظ عليه إلا إذا كان قائماً على قواعد راسخة من العدالة وأسس ثابته من التعاون والوفاق بين جميع الأمم.

وندعو المجتمع الدولي إلى الاهتداء الملموس بهذه المرجعيات وبناء الشراكة بين الدول على أساسها، ووفقا للقوانين والاعراف الدولية المجمع عليها، وذلك تحقيقا للتعايش السلمي وتعزيزا للتعاون والازدهار الاقتصادي.

معالي الرئيس،

لقد عملت بلادي وما زالت تبذل جهودها وتعاونها البناء مع جميع الأطراف لتحقيق السلام في اليمن الشقيقة. وفي الوقت الذي ترحب سلطنة عمان باستمرار الهدنة، فإنها تناشد جميع القوى اليمنية بضرورة تجاوز الماضي الأليم والتركيز على صياغة المستقبل الواعد السعيد لوطنهم ووحدته وأمنه واستقراره، على أساس المرجعيات المتوافق عليها بما في ذلك المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار اليمني اليمني والقرارات الأممية ذات الصلة. وفي هذا السياق فإن سلطنة عمان تواصل دعمها لجهود المبعوث الأممي هانس جروندبرج وكذلك المبعوث الامريكي لليمن تيم لندركينج مقدرين لهما مساعيهما لتحقيق السلام الدائم في اليمن عبر الحوار ودعوة جميع الأطراف اليمنية إلى التفاعل الهادف والجاد في صياغة خارطة الطريق التي يتوافق عليها الأشقاء اليمنيين وعملية سياسية تحفظ لليمن سيادته واستقلاله وأمنه واستقراره.

وتؤكد بلادي إستمرارها في تقديم كافة التسهيلات والمساعدات الإنسانية الممكنة إلى مختلف المناطق والمحافظات اليمنية بدون إستثناء، آملين في تفاعل دولي متواصل لإنهاء معاناة الشعب اليمني الشقيق.

معالي الرئيس،

إن حل القضية الفلسطينية هي ركيزة أساسية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، حيث ولد الصراع العديد من الأزمات والتوترات واعمال العنف، وبالتالي نؤمن بأن حل الدولتين وفق القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية هي حاجة ماسة وضرورة إستراتيجية لتحقيق السلام الدائم والثقة المتبادلة والتعاون الايجابي بين جميع الأطراف في المنطقة.

كما نُعرب عن إهتمامنا بتطورات الأوضاع في كل من ليبيا وسوريا والسودان، آملين حل الخلافات بتوافق المكونات السياسية وترسيخ مفهوم المصير المشترك لتحقيق الأمن والإستقرار لهذه الدول الشقيقة.

ونناشد المجتمع الدولي مضاعفة الجهود الدبلوماسية لدعم السلام والاستقرار لحل الأزمة الروسية الأوكرانية، بالحوار والمفاوضات التي تُعد أنجح الوسائل لحل الخلافات وفق مبادئ القانون الدولي والقيم الإنسانية المشتركة.

معالي الرئيس،

تتطلع بلادي إلى المشاركة الفاعلة في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية حول تغير المناخ (كوب-٢٧) والذي سينعقد في شهر نوفمبر المقبل في مدينة شرم الشيخ، معربين عن تمنياتنا لجمهورية مصر العربية الشقيقة النجاح في استضافة هذا المؤتمر.

إن تغيير المناخ من القضايا البارزة في عصرنا الحاضر، ونحن الآن أمام لحظة حاسمة، فالعالم في تحد حقيقي وصعب، حيث أن الآثار الناتجة منه واسعة النطاق من إرتفاع درجات الحرارة والفيضانات الكارثية وحرائق الغابات، والتي جميعها تُهدد الأمن الغذائي للدول، وأن التكيف مع هذه القضية سيكون أكثر صعوبة وتكلفة إذا لم يتحد العالم لمعالجتها معالجة جذرية ومتكاملة .

لذا أعدت سلطنة عُمان إستراتيجية وطنية لحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي وإدارتها بالشراكة مع المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، حيث أنشئت (اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية وحماية طبقة الأوزون)، مُشكلة من 31 جهة حكومية تُنفذ من خلالها خطط التكيف والتخفيف من آثار التقلبات المناخية، والمساهمة في خفض إنبعاثات الكربون بنسبة 7% بحلول عام 2030م وفقاً لإتفاقية الأمم المتحدة للمناخ متجهين نحو تحقيق الحياد الصفري الخالي من إنبعاثات الغازات الدفينة.

وتعمل بلادي على تسريع إجراءات تنظيم قطاع الهيدروجين الأخضر، وتشجيع الاستثمار فيه، استجابة للتحولات العالمية نحو الحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيقاً لتطلعات العالم لمصادر طاقة جديدة ومتعددة الاستخدامات، ولأهمية تعزيز هذا القطاع أسست بلادي تحالفاً وطنياً للهيدروجين، مُعتمدين بذلك على إمكانياتنا الوطنية في وفرة موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأراضي المناسبة لإرساء هذه المشاريع، بالإضافة لمنظومة الموانئ والدعم اللوجيستي المساعدة وذلك انطلاقا من موقع سلطنة عُمان الجغرافي الملائم على خارطة تطوير وإنتاج الطاقة النظيفة في العالم.

معالي الرئيس،

إن بلادي تستمد مبادئ المساواة والعدالة وعدم التمييز بين فئات المجتمع من النظام الأساسي للدولة، فالمرأة العُمانية تساهم جنباً إلى جنب مع الرجل بتنوع فكرها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي في بناء الدولة العصرية، وفي تعزيز قيم التعاون والانسجام بين الجميع، وهي أيضاً شريك أساسي في التنمية ومكون أصيل في المجتمع، ونفتخر بما تحقق في مجال النهوض بالمرأة وعطائها القيٌم في مجال العمل الوطني والمسؤولية الاجتماعية.

كما أن للشباب دوراً عظيماً في تجسيد الأمل الواعد والمستقبل المشرق للتنمية الشاملة، فقد هيأت بلادي الفرص والتسهيلات التحفيزية التي تتسم بالعدالة والشفافية وتكافؤ الفرص للجميع.

 

معالي الرئيس،

يتضح مما لا شك فيه أن الأزمات المتلاحقة والصراعات القائمة خلقت تحديات أمام منظومة الأمم المتحدة، لذا ندعو المجتمع الدولي لإعادة البناء بشراكة حقيقية وواقعية، وتوحيد الصف وغض الطرف عن الهفوات المعرقلة، والمُضي معاً برؤية ايجابية لمستقبل واعد للبشرية جمعاء.

وفي الختام نُزجي لكم جميعا التحية والسلام، متمنين لهذه الدورة كل النجاح والتوفيق لما نصبو الى تحقيقه من آمال وتطلعات لعالمنا. كما نرجو للجميع الاستمتاع من اللحظات الشيقة والجميلة لمونديال كأس العالم بدولة قطر الشقيقة في شهر نوفمبر القادم.

شكراً معالي الرئيس، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،