Peridotite rock at centre of Oman Garden at Doha Expo

البريدوتيت في سلطنة عُمان: “رمز للمستقبل البيئي والاقتصادي”

11 مارس 2024

في قلب حديقة سلطنة عُمان في معرض إكسبو الدوحة 2023، تتألق صخرة سوداء بتأثيرها المهيب، حيث يتدفق الماء على سطحها بشكل لطيف، وعند التدقيق، يظهر نمط أبيض من الأوردة على سطحها.

لكن هذه الصخرة ليست مجرد عنصر زخرفي، بل هي رمز لدور الجيولوجيا الفريد لسلطنة عُمان في مجابهة تحديات تغير المناخ، والسعي نحو تحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.

الصخرة السوداء هي البريدوتيت، نوع من الصخور الواسعة الانتشار في سلطنة عُمان، والذي يتمتع بقدرة طبيعية على “تمعدن” ثاني أكسيد الكربون (CO2) وحبسه إلى الأبد، وتظهر العروق البيضاء في الصخور علامة واضحة على تمعدن ثاني أكسيد الكربون.

Peridotite rock

تشير العمليات الطبيعية إلى أن ثاني أكسيد الكربون يتحول تدريجياً إلى كالسيت بفعل المياه الممزوجة بالكربون، وتتم العملية عندما تهطل الأمطار الوفيرة، والتي تحمل طبيعياً في ثناياها ثاني أكسيد الكربون المذاب، على الصخور، تتسلل إلى الشقوق الموجودة فيها، وفي هذا السياق يحدث التفاعل الكيميائي. بمرور الزمن، يتحول ثاني أكسيد الكربون تدريجياً إلى كالسيت، مما يؤدي إلى تشكيل تلك الشرايين البيضاء المميزة.

وهي عملية تستغرق عقودًا، ولكن الشركة العُمانية 44.01 تسعى لتسريع هذه العملية من خلال تطوير تقنياتها الفريدة، وتستهدف 44.01، التي تم اختيار اسمها استنادًا إلى الكتلة الجزيئية لثاني أكسيد الكربون، تحقيق أهدافها من خلال تقنيات تقوم بتسريع عملية تمعدن الكربون بحيث تستغرق أشهرًا بدلاً من عقود، ويطمح الفريق في تحقيق هذا الهدف لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.

Peridotite rock

تعتمد تقنية 44.01 على حقن ثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء في تكوينات البريدوتيت في الأعماق الأرضية، مما يسمح بحبسه بشكل دائم دون صيانة وخطر التسرب إلى الغلاف الجوي.

وتأمل شركة 44.01، التي استوحت اسمها من الكتلة الجزيئية لثاني أكسيد الكربون، إلى أن تقنياتها المبتكرة ستكون حلاً فعّالًا لتجنب آثار التغير المناخي الخطيرة، من خلال إزالة ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. وهذا التوجه يحمل في طياته آفاقًا واعدة للمستقبل، حيث يعتبر ثاني أكسيد الكربون أحد العوامل الرئيسية في ارتفاع حرارة الأرض وتغير المناخ بشكل ضار.

وصرح طلال حسن، الرئيس التنفيذي ومؤسس 44.01: ” تعمل تقنيتنا على تسريع عملية التمعدن الطبيعية بحيث تستغرق أشهرًا بدلاً من عقود. نحن نستثمر في البحث والتطوير لجعل عملياتنا فعالة من حيث التكلفة وفعالة قدر الإمكان لمساعدة سلطنة عُمان في تحقيق طموحاتها في تحقيق صافي صفر من الكربون”.

44.01 PIlot project

وقد أظهرت مشاريع تجريبية ناجحة في سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة أن عملية شركة 44.01 آمنة وليس لها تأثير سلبي على البيئة المحلية أو الطبقات الجوفية.

44.01 PIlot project

وتدير الشركة مشروعًا أوسع نطاقًا في جبال الحجر لإثبات جدواها التجارية، حيث يشمل حقن ثاني أكسيد الكربون في صخور البريدوتيت على عمق 1000 متر تحت الأرض، بعيدًا عن مصادر المياه الشرب، مستفيدة من الظروف المثلى لتسريع عملية التمعدن.

وبفضل وفرة مصادر الطاقة المتجددة ( الطاقة الشمسية والرياح ) في سلطنة عُمان، يمكن تشغيل العملية بالكامل بالطاقة النظيفة.

وتُباع أرصدة الكربون الناتجة عن تمعدن ثاني أكسيد الكربون بأسعار أعلى مقارنةً بتخزين الكربون التقليدي، مما يفتح أبواباً لعائدات هائلة يمكن بيعها والاستفادة من عوائدها الاقتصادية.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة 44.01 : ” إن سوق الكربون ينمو بسرعة، ويزيد الطلب على أرصدة الكربون الدائمة عالية الجودة التي نقدمها”.

The 44.01 Earthshot team

يوضح هذا الواقع أن عُمان تحتل موقعًا استراتيجيًا بامتياز، حيث تتمتع السلطنة بموارد وفيرة من صخور البيريدوتايت، والتي يسهل الوصول إليها بفضل جيولوجيا الأفيوليت في عمان المميزة في عمان. يُفهم مصطلح ” الأفيوليت ” هو جزء متكشف من صخور القشرة المحيطية والوشاح”، وتوفر هذه الصخور لعلماء الأرض فرصة لفحص الميزات على نطاق وتفاصيل غير ممكنة في البيئة البحرية ، حيث المعلومات المباشرة عن القشرة المحيطية لا تزال محدودة للغاية، لذا يوفر تكشف صخور الغلاف الصخري المحيطي على اليابسة لعلماء الأرض فرصة لاستكشاف أعماق قاع المحيط والعمليات التي تحدث في أعماق القشرة المحيطية و ربما يكون الأفيوليت في سلطنة عُمان هو أفضل أفضل جزء متكشف لذلك تستقطب جبال عٌمان، بشهرة أفيوليت سمائل المشهور عالميًا، الجيولوجيين من جميع أنحاء العالم نظرًا لاكتمالها الطبقي الفريد والمحفوظ والمتكشف على مساحات شاسعة، ومناجمها العديدة القديمة والمعاصرة، ومحاجرها، ومناظرها الطبيعية الجميلة.

وهذا يعني أن عمان تحظى بميزة هائلة مقارنةً بأماكن أخرى في العالم حيث تتواجد ترسبات البيريدوتايت أيضًا، ولكن عادةً ما تكون عميقة بين 20 إلى 30 كيلومترًا تحت الأرض، مما يعزز صعوبة الوصول إليها.

وتبرز سلطنة عُمان كموقع مثالي لمشاريع تمعدن الكربون بفضل وجود رواسب البريدوتيت السطحية بفضل جيولوجيا الأفيوليت في البلاد، مما يمنحها فرصة لتحقيق إيرادات هامة ودعم الأهداف البيئية والاقتصادية التي حددتها حكومة جلالة السلطان هيثم المعظم – حفظه الله-.

وفازت شركة 44.01 بجائزة Earthshot لعام 2022 في فئة “إصلاح مناخنا”، وهي جائزة تأتي من مبادرة الأمير ويليام للاستدامة، وأشار طلال حسن إلى أن هذا التكريم يساهم في تعزيز التزامهم بتحقيق الأثر الإيجابي في مجال حلول تغير المناخ.

يذكر أن جائزة إيرثشوت تأسست عام 2020 على يد الأمير ويليام، أمير المملكة المتحدة، ومؤسسة الأميرية، وهي جائزة بيئية عالمية تهدف إلى اكتشاف الحلول الابتكارية وتسريعها وتوسيع نطاقها لإصلاح وتجديد الكوكب.

وتدير جائزة إيرثشوت مجلسًا دوليًا يضم قادة من مجالات الأعمال والفيلانثروبيا والعلوم والترفيه، يبحث الفريق عن حلول تم اختبارها وقابلة للتوسيع يمكن أن تساعد في إصلاح المناخ ومنع المزيد من الأضرار.

وعبر طلال حسن عن سعادته بتقدير إيرثشوت قائلاً: “تحدينا هو توسيع نطاق حلولنا على المستوى الدولي، وقد ساعدتنا جائزة إيرثشوت على تحقيق ذلك بشكل كامل”.

مع التحول العالمي إلى مصادر الطاقة النظيفة، ستوفر 44.01 فرص عمل جديدة للمهندسين والجيولوجيين في صناعة الوقود الأحفوري. ونظرًا لأن عمان تمتلك إحدى أكبر ترسبات سطحية من البيريدوتايت في العالم، يمكن أن يكون تمعدن الكربون فرصة حقيقية أيضًا للعاملين في المنطقة ولتحول الطاقة وذلك من خلال التركيز على حل المشكلات العالمية، تهدف 44.01 أيضًا إلى حل المشاكل المحلية وتوفير فرص العمل وتعزيز الازدهار في سلطنة عُمان.

لمعرفة المزيد عن عمل 44.01 انقر هنا