The Sultanate of Oman participates in the 15th Islamic Summit Conference in Gambia

كلمة سلطنةُ عُمان في الدورة الـ15 لمؤتمر القمّة الإسلامي بجامبيا

5 مايو 2024

كلمة سلطنةُ عُمان في أعمال الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي تحت شعار “تعزيز الوحدة والتضامن عن طريق الحوار من أجل التنمية المستدامة” الذي عُقد في العاصمة الجامبية بنجول، وترأس وفد سلطنة عُمان معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية.

5 /5 / 2024م.

نص الكلمة كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

آداما بارو بارو رئيس جمهورية جامبيا الصديقة،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي،

معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي،

الحضور الكريم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

يشرفني بدايةً أن أنقل لكم تحيات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، وتمنياته الصادقة بالتوفيق لجمعكم المبارك هذا.

 إنَّ شعار هذه القمة: تعزيزُ الوحدة والتضامن عن طريق الحوار من أجل التنمية المستدامة”، قد أتى في وقته المناسب، وهو بلا ريب موضوع له بالغ الأهمية، ويدعونا جميعا، في العالم الإسلامي، إلى تعميق تعاوننا، وتعزيز الروابط التي تجمعنا، في سعينا المشترك نحو تحقيق الحاضر المزدهر، والمستقبل المستدام لشعوبنا، وشعوب العالم أجمع.

تنعقدُ هذه القمة والعالمُ ما زال مثقلاً بالقضايا والصراعات والأزمات في عددٍ من بقاع الأرض، ناهيك عن تداعيات التغير المناخي لكوكبنا والحاجة الملحة لتخفيف آثاره، والانقسامات الطائفية والإثنية والدينية، والفجوة الرقمية والغذائية والدوائية، وتحديات التنمية وأهدافِها التي ينبغي أن يستفيدَ منها الجميع على أساسٍ من العدالة والتعاون الدولي البنّاء.

 وتقعُ على عاتقِ عالمِنا الإسلامي اليوم مسؤولياتٌ كبيرة تتطلّبُ منّا مضاعفةَ الجهود وتبنّي مبادرات وسياسات فاعلة لمواجهة هذه التحديات المشتركة، وتوحيدَ المواقف وتكثيفَ العمل المشترك لمكافحة آفات التطرف والإرهاب والغلو وسياسات التمييز والكراهية والإسلاموفوبيا، وتعزيزَ قيم التسامح والتعايش في العالم.

أيها الحضور الكريم:

تشهدُ منطقتُنا اليوم توتراً وتصعيداً عسكرياً يهددُ سلامتَها واستقرارَها، وهو مآلٌ طبيعي للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وتداعياته التي حذرتْ منها بلادي سلطنة عُمان مراراً وتكراراً، في ظل فشل المجتمع الدولي في إيقاف هذه الحرب العبثية وردع إسرائيل عن انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي، وازدواجية المواقف لدى بعض الدول، وعجز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن تبني قرارات الاعتراف بدولة فلسطين، رغم الإجماع العالمي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وفي إقامة دولته المستقلة.

إن بلادي سلطنة عمان تؤكد دوماً على موقفِها الثابت في دعم هذه القضية في اللقاءات الدولية والإقليمية وعلى جميع المستويات، وقد فتحتْ حواراتٍ مع مختلف دول العالم من أجل وقف الحرب، وقدّمتْ مرافعتَها الشفهية أمام محكمة العدل الدولية في فبراير الماضي بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 وإننا لعلى قناعة تامة ويقين بالغ بأن دماءَ الأبرياء الشرفاء من أبناء فلسطين، لن تذهب سُدىً، وأن ميزانَ العدالة الإلهية لن يخذلَ هذا الشعبَ الصامد، وسوف ترفرف رايةُ الحق في سماء الدولة الفلسطينية المستقلة بعون الله وتوفيقه.

 أيها الحضور الكريم

إن عالم اليوم، عالم متداخل مترابط تزيده الأزمات والتحديات تعقيدا واضطرابا، مايجعل إيقاظ الضمير الإنساني وتجديد التزامنا بالقيم المشتركة ضرورات لا بد منها؛ للإبقاء على الإنسانية التي تجمعنا، والحفاظ على ما تبقى من الأخلاق والرحمة، ومنطلق ذلك قول الحق: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً. إن الضمير اليقظ كفيل بأن يذكر الإنسان بأنه جزء من نسيج هذا العالم الواسع، ينتمي إلى إنسانيته، ويعمل من أجل أخيه الإنسان أينما كان، كما أن إيقاظ الضمير الإنساني يعني إعادة ضبط البوصلة الأخلاقية لإنسان هذا العالم، لتدفعه للعمل من أجل بناء عالم من العدل والرحمة والسلام، فهذا هدف الرسالات كلها: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ. والإنسان بفطرته السوية، مجبول على احتضان روح الإنسانية الجماعية، وبفطرته قادر على الإحساس بالآخرين، وما إيقاظ الضمير – الذي ندعو إليه – إلا لنسمو فوق أسباب الاختلاف، وتعزيز التعاطف والتراحم بين الناس، منطلقين من إيماننا بأن الحاضر هو أساس المستقبل، وبأن الخير الذي نقدمه اليوم يسهم في نهضة الغد وبناء مستقبل أفضل للجميع.

 شاكرين لجمهورية غامبيا ورئيسها فخامة آداما بارو، حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة

وراجين لهذه القمة، ولهذا الجمع المبارك، كل التوفيق والخير، والسداد والتيسير والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.