مقابلة مدونة صوتية “بودكاست” لمعالي السيد وزير الخارجية مع “المونيتور”

Published On: 27 يناير 2022

أجرى معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية مقابلة مدونة صوتية “بودكاست” مع أندرو باراسيليتي حول عدد من القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية الإقليمية والشؤون الجارية، بثتها “المونيتور” في برنامج “حول الشرق الأوسط” يوم الخميس 27 يناير 2022. ملخص المقابلة كالتالي:

مقدمة من قبل أندرو باراسيليتي:

عُين معالي السيد بدر وزيراً للخارجية في أغسطس 2020، بعد 30 عامًا من العمل المتميز في السلك الدبلوماسي العماني، بما في ذلك شغله لمنصب سفير ووكيل وزارة، ومن 2007 إلى 2020 أمينًا عامًا بدرجة وزيرمن بين إنجازاته العديدة أنه قاد المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن قضايا قانون العمل والتي بدأت في عام 1993 وأدت بعد ذلك إلى عضوية سلطنة عمان في منظمة التجارة العالمية في عام 2000، واتفاقية التجارة الحرة بين سلطنة عمان والولايات المتحدة الأمريكية في عام 2006.

كما أنشأ مكتبًا للتحليل السياسي في وزارة الخارجية لتقديم التحليل المنهجي السياسات وللقضايا الإقليمية والدولية الرئيسية.

حصل السيد بدر على درجة الماجستير من جامعة أكسفورد في السياسة والفلسفة والاقتصاد، وقد أعطى الأولوية في حياته الشخصية والمهنية لتعزيز حقوق الإنسان والدبلوماسية الثقافية والتسامح والتفاهم المتبادل والنهوض بدور المرأة في الحياة العامة.

بعض الحقائق السريعة عن عُمان، فهي بلد يزيد عدد سكانها عن 5 ملايين نسمة، وتقع على الساحل الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة العربية وتحدها كل من الإمارات واليمن والمملكة العربية السعودية ولها حدود بحرية مع إيران وباكستان.

عُمان عضو مؤسس في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة وجميع المنظمات الدولية الرائدة.

ترتبط الولايات المتحدة وسلطنة عمان بمعاهدات منذ عام 1833، بما في ذلك اتفاقية التجارة الحرة التي ذكرناها سابقًا. وقد لعبت عُمان دورا فعّالا ومحترما دوليًا كوسيط للدبلوماسية الإقليمية، بما في ذلك مع إيران، وكانت موقعًا لاجتماعات القناة الخلفية الأمريكية الأولى مع إيران، والتي أدت في النهاية إلى الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015.

بالنظر إلى دور عمان الحاسم في الدبلوماسية الإقليمية، وكل ما يحدث في عمان وفي الشرق الأوسط، يسعدني أن أرحب بضيفنا وزير الخارجية السيد بدر البوسعيدي، للحديث عن التطورات في عمان والمنطقة.

أندرو باراسيليتي:

لقد مضى ما يزيد قليلاً عن عامين منذ أن تولى جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عمان مقاليد الحكم خلفاً للسلطان الراحل قابوسكانت هناك تحديات كبيرة وجاءت على أعتاب جائحة كوفيد-19.  لكن انتقال السلطة كان سلسًا واتسم بالاستمرارية والتقدم بالإضافة إلى العديد من التحديات التي تواجهها عمان وجميع البلدانأريد الدخول في السياسة الخارجية، لكن هل يمكنني أن أبدأ بالسؤال عن التقدم الاقتصادي والأولويات في عهد السلطان هيثم، وقد تم الإشادة بسلطنة عمان لتعاملها مع الاقتصاد. كانت التحديات الاقتصادية كبيرة بسبب فيروس كورونا، ومن المتوقع أن تعود الدولة إلى النمو الإيجابي للناتج المحلي الإجمالي هذا العام والمقبل، كانت هناك مبادرات للإصلاح الحكومي والبيروقراطي وكذلك تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، وإدخال ضريبة القيمة المضافة، وإنشاء جهازين حكوميين جديدين، جهاز الاستثمار العماني كسلطة مسؤولة عن تحسين إدارة الأصول العامة، وشركة تنمية طاقة عمان لإدارة وتمويل الاستثمارات في الطاقة.

هل يمكنك وضع هذه التطورات بإيجاز في سياق رؤية السلطان هيثم للوطن والاقتصاد؟  وما هي الأولويات والتحديات المقبلة؟

السيد بدر:

مثل جميع الدول على مدى العامين الماضيين، تم حشد قدر كبير من الطاقة والموارد العمانية للتعامل مع جائحة كوفيد-19. وعلى الرغم من أننا عانينا من حصتنا من الخسارة والمرض والضغوط الحادة على الخدمات العامة والاقتصاد، إلا أنني فخور حقًا بمرونة واستجابة العمانيين للتحديات المتعددة، ولا سيما بشأن الجائحة، واستفدنا بشكل جيد من بنيتنا الأساسية القوية في القطاع الصحي.

قبل كل شيء، يسعدني أن أؤكد أنه كان هناك روح قوية من العمل الجماعي والوحدة الاجتماعيةكان هذا واضحًا في استجابة المواطنين، وكما رأيتم على الأرجح، لتأثيرات الإعصار شاهين الذي ضرب بقوة منطقة الباطنة في شمال عمان، حيث تطوع الناس حقًا،  وقطعوا مسافات طويلة للمساعدة ولدعم أولئك الذين تضررت منازلهم وأعمالهم.

يمنحنا هذا ثقة كبيرة بالمستقبل، لأن هذا النوع من الوحدة الوطنية والشعور بالمشاركة من قبل المواطنين، هو أحد أهم أولوياتنا وأكبر نقاط قوتنا ونحن نمضي قدمًا.

لقد تبنت حكومة جلالة السلطان هيثم خطة شاملة للتنمية الوطنية، رؤية عمان 2040. والتي تم وضعها تحت قيادة جلالة السلطان، وهي تحدد لنا جميعًا أهدافًا طموحة يجب تحقيقها خلال العشرين عامًا القادمة.

هناك أهداف للتنمية الاقتصادية، تركز على التنويع الاقتصادي، واقتصاد المعرفة، ومصادر الطاقة المتجددة، والتعليم، وخلق فرص العمل والتوظيفهناك أيضًا أهداف لجودة واستجابة الخدمات الحكومية والعامة.

إنّ الدعم الشامل والمتبادل الذي أظهره مواطنونا على مدار العامين الماضيين عنصر أساسي في عملنا لتحقيق هذه الأهداف، وستستمر سياسات الحكومة في تعزيز الشمولية كقيمة أساسية.

نتفهم في سلطنة عمان العلاقة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، ولا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، حيث يجب علينا جميعًا العمل بالتنسيق معاً في جميع جوانب العمل الحكومي، والسياسة الخارجية لها دور حيوي بشكل خاص في التأكد من ذلك بحيث تتماشى علاقاتنا الدولية تمامًا مع أهدافنا للتنمية الوطنية.

السياسة الخارجية في عالم اليوم تتطلب من كل من يعمل في مجال العلاقات الدولية أن يكون لديه فهم سليم لمجموعة واسعة من القضايا مثل الاقتصاد والتكنولوجيا والبيئة والصحة والتعليم والعديد من المجالات الأخرى. وهذا يعني أيضًا أن زملائنا الذين يعملون على تطوير وتنفيذ السياسة المحلية، بما في ذلك رجال الأعمال في القطاع الخاص، يحتاجون أيضًا إلى فهم متطور ومحدّث للقضايا العالمية، وهذا جزء من عملنا في وزارة الخارجية لإبقاء الزملاء في الحكومة والقطاع الخاص على اطلاع وبشكل مستمر على التطورات الدولية.

هذا هو السبب في أن رؤية 2040 توفر إطارًا هاما لتحديد أولويات السياسة الخارجية، وهذا يعني أن السياسة الخارجية لسلطنة عمان يجب أن تعطي الأولوية في خطة عملها للتنمية الاقتصادية، والتي تستند إلى التنويع الاقتصادي، والاستثمار في التعليم، والابتكار، وما إلى ذلك.

رؤية 2040 هي حقًا القوة الدافعة، والتي تعنى أيضًا بتطوير الهياكل الحكومية لنكون أكثر استجابة وأكثر شفافية وشمولية. لذلك أرى دورًا رئيسيًا لوزارة الخارجية في هذا الصدد.

لقد كانت فترة صعبة للغاية، لكننا واثقون، كما لاحظتم وذكرتم على الأرجح، أن وضعنا المالي الآن سليم ويتحسن. إنه يسير في الاتجاه الصحيح، وقد شهدنا مؤخرًا ترقية مرتبة عُمان من قبل وكالات التصنيف الائتماني الدوليةإن التوقعات، وفقًا لوكالات مودي وستاندرد آند بورز وفيتش، تظهر جميعها استقرارًا وتحسنًايمنحنا هذا أساسًا متينًا لإحراز تقدم حقيقي نحو بعض الأهداف الاقتصادية الأكثر طموحًا التي وضعناها لأنفسنا في الرؤية.

سيواصل جلالة السلطان استكشاف المزيد من الإصلاحات الاقتصادية، مع إيلاء الاعتبار لوقف الهدر في الدعم الحكومي، وترشيق القطاع العام، وتوفير شبكة أمان اجتماعي مناسبة، وتطوير طرق لجعل من يتمتعون بالثروة يساهمون في خدمة الصالح العام.

في هذا الصدد، أشعر بالثقة والتفاؤل بأن تركيزنا المتجدد على المشاركة سيسهم في جعل عمان أكثر جاذبية وموقعًا مرغوبًا أكثر لبيئة الأعمال واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.

أندرو بارسيليتي:

شكرا لك على ذلك. الآن، دعنا ندخل في بعض قضايا السياسة الخارجية التي تواجهها عمان والمنطقة. كما ذكرت في المقدمة، عُرفت عُمان دائمًا كميسّر موثوق للدبلوماسية، بما في ذلك ما يتعلق بإيران، ومع معظم الدول في جميع أنحاء المنطقة، لأنها تحافظ على علاقات جيدة مع جميع الدول الرئيسيةوفي عمان، جرت محادثات القناة الخلفية المبكرة التي أدت إلى الاتفاق النووي الإيراني. الآن، كيف ترى المحادثات النووية الإيرانية الجارية في فيينا؟  بماذا ستكون نصيحتكم لأطراف تلك المحادثات، بما في ذلك إيران؟  والولايات المتحدة الأمريكية؟  هل تأمل في اتفاق؟  وإذا كان الأمر كذلك، فهل تعتقد أنه يمكن الوثوق بإيران للالتزام بالاتفاق النووي؟ إذا تم ذلك؟

السيد بدر:

تساهم السياسة الخارجية لسلطنة عمان في تحقيق أهداف رؤية 2040 من خلال ثلاث طرق رئيسية: 1) نعمل على ضمان بيئة آمنة ومستقرة يمكن أن ينمو فيها الاقتصاد العماني ، 2) نشجع نهجًا خارجيًا يمكّننا من إيجاد الأسواق المناسبة،  والشركاء والمستثمرون من جميع أنحاء العالم، و3) نشجع وننشئ هياكل لدعم المشاريع المشتركة والتعاون الدولي والصناعي والتجاري.

كل هذه الطرق الثلاثة لعملنا تهدف للمساهمة في تحقيق رؤية 2040، حيث تدعمها سياسة عمان الخارجية الثابتة القائمة على الحوار وعلى الحفاظ على علاقات ودية مع الجميع.

ما يعنيه هذا هو أننا نحاول دائمًا إشراك الجميع، في مختلف المحادثات المهمةهذا هو النهج الرئيسي في سياستنا الخارجيةوبالتالي، نحاول حقًا عدم إغلاق أي سبل للتواصل أو رفض عروض الحوار. هذه الأولوية هي أساس كل علاقاتنا الرئيسية ونهجنا تجاه القضايا الإقليمية. وهذا رداً على سؤالكم الخاص بإيران.

لدينا دائمًا موقف متفائل بشأن المفاوضات الجارية في فيينا، والتي تهدف إلى عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركةنحن على ثقة من أن كلا من إيران والولايات المتحدة ترغبان في التوصل إلى اتفاقأعتقد أن جميع المعنيين يدركون أيضًا أهمية بناء الثقة والتي يتعين على جميع الأطراف التحلي بها من أجل ضمان أن تكون الاتفاقية مستدامة هذه المرةلن يكون الأمر سهلاً، فنحن جميعًا نعلم أنه لن يكون من السهل على جميع الأطراف الوصول إلى هذا الهدف النهائي. ولكن من أجل القيام بذلك، ربما يكون أهم شرط مسبق هو إيجاد طريقة يشعر فيها جميع الأطراف بالثقة الكافية بشأن استقرار واستدامة الاتفاقية.

لقد تحدثت مع محاورين في طهران، وكذلك في أوروبا والولايات المتحدةلدي ثقة في نزاهة وحسن نية جميع المشاركين في هذه المحادثاتنحن نؤمن إيمانا راسخا بأن مثل هذا الاتفاق سوف يخدم حقا مصالح الجميع، والمجتمع الدولي بأسره دون استثناء. هذه اتفاقية جيدة للسلام والأمن في منطقتنا وفي العالم، ومن المهم دعم المفاوضات على أمل أن التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف.

أندرو بارسيليتي:

لنتحدث عن الارتباط بين مفاوضات فيينا وما يحدث في المنطقة. كانت هناك عدد من المبادرات الإقليمية لإشراك إيران، وهناك المحادثات السعودية الإيرانية التي جرت في بغداد، وهناك زيادة في التواصل الدبلوماسي الإماراتي الإيراني بعد سنوات من الحدة. وهناك بالطبع، كما وصفت للتو، نهج عماني ثابت للحوار والتعامل مع إيران وجميع الأطرافما مدى أملك في أن تتمكن دول الخليج العربي من التفاهم مع إيران؟  وكم من ذلك يعتمد على المفاوضات في فيينا ودور الولايات المتحدة والقوى الخارجية الأخرى؟

السيد بدر:

سوف نستمر في الإيمان بقوة الحوار والمشاركة المباشرة. إيران بلد إقليمي، وبغض النظر عن كيف ينظر إليها، نحتاج إلى تسوية الخلافات من خلال الحوار، والتوصل إلى تفاهم بحيث يمكن لجميع الأطراف حقًا لعب دور بناء في حل المشكلات، وإيجاد طرق لتعميق التعاون. لأنه في نهاية المطاف، من مصلحة الجميع، وفي الواقع هي رغبة الجميع، أننا نريد بيئة من الاستقرار والأمن والسلام، والتي ستسمح لشعوب المنطقة في نهاية المطاف بأن تحقق مزيد من الازدهار، لتعميق مصالحها، وجعل المنطقة أكثر جاذبية لشركائهم للاستثمار والقيام بأعمال تجارية معهم.

أعتقد أن هناك إدراكًا متزايدًا لمدى أهمية ذلك، نظرًا لدروس الماضي، ونأمل التعلم من تلك الدروس للمستقبل. لا يوجد سبيل آخر سوى أن يكون لدينا تفاهم للتحدث مع بعضنا البعض بشكل مباشر، وليس ضد بعضنا البعض، من أجل الوصول إلى هذا الهدف النهائي المتمثل في التفاهم والتعاون.

أندرو بارسيليتي:

مضى على الحرب في اليمن الآن أكثر من خمس سنوات، ووصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم. هناك ما يقرب من 30 مليون شخص في اليمن وحوالي 46٪ منهم بحسب بعض التقديرات دون سن 15 سنة. وحتى عندما تنتهي هذه الحرب، لدينا احتمالية لحدوث دولة فاشلة مزمنة، وكما رأينا المزيد من التصعيد في الأسابيع الأخيرة مع ضربات صاروخية حوثية على الإمارات ودعوات للولايات المتحدة إلى إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابيةعُمان جارة لليمن ولعبت دورًا هادئًا في الدبلوماسية اليمنية. كيف تقيّمون الدبلوماسية وخطط السلام للأمم المتحدة وإدارة بايدن في اليمن؟ ما الذي يمكن وما يجب القيام به لإنهاء القتال؟

السيد بدر:

هي أزمة معقدة للغاية، لكن خلاصة القول أن هذه المشكلة يمنية، وتحتاج في نهاية المطاف إلى حل يمنيدورنا هو المساعدة في تسهيل ذلك، والمساعدة في حدوث ذلك. لقد استغرق الأمر وقتًا طويلاً لسوء الحظ وأخذ الكثير من الموارد والأرواح طوال هذه السنوات السبع أو الثمان.

أعتقد، كأولوية أولى، أن هناك حاجة ماسة حقًا لرؤية وقف إطلاق نار كامل، من شأنه أن يسمح لليمن، وجميع الأطراف في هذا الصراع، وكذلك جميع أصدقاء اليمن، البدء في مهمة إصلاح الضرر الإنساني الذي لا يحصى.

على المستوى السياسي، ما زلنا نشعر أنه كان هناك الكثير من التركيز على دور الأطراف الخارجية. نحن نعلم أن المملكة العربية السعودية تسعى إلى إنهاء الصراع، ونعتقد أن موضوع دعم إيران للحوثيينإن كان حقيقيًا، هو قول مبالغ به.

اليمن بحاجة إلى مجموعة من العوامل بقيادة يمنية للتوصل إلى حل، ويمكننا المساعدة في ذلك. هذا التصعيد الحالي، كما رأينا في الأيام الأخيرة، كان مقلقًا للغاية. قمنا بإدانته وعُمان تقف بقوة إلى جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة ومع جيراننا في الدعوة إلى وقف تصعيد هذه التطورات الأخيرةكانت الهجمات على المدنيين والأهداف غير العسكرية سمة ثابتة ومقلقة لهذا الصراع، ونحثّ جميع الأطراف على ضبط النفس، والعودة إلى التهدئة واستكشاف سبل الحوار والمفاوضات. لذا يمكننا أن نتحد جميعًا لوضع حد لهذه الحرب.

أندرو باراسيليتي:

إعادة تصنيف الحوثيين من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية؟

السيد بدر:

الحوثيون عنصر مهم في الحل في نهاية المطاف. يجب أن يتم إشراكهم والاعتراف بهم كعنصر مهم مثل المكونات الأخرى في اليمن، لأننا نريدهم أن يكونوا جزءًا من الحل. إنهم موجودون هناك ولا يمكننا عزلهم، وتصنيفهم بهذه الطريقة قد يقوض حقًا ما نحاول جميعًا القيام به، في إحضارهم إلى طاولة المفاوضات وإيجاد حلول لسبب وجود هذا الصراع في البداية.

سيكون من الخطأ مجرد التركيز على الأعراض والتأثيرات، نريد معالجة الأسبابولا يمكن القيام بذلك إلا من خلال إشراك جميع الأطراف، بما في ذلك الحوثيين، لأن لهم دور مهم للتوصل لحلول لهذا الصراع، الذي استهلك بالفعل الكثير من الموارد واستنزف الكثير من الأرواح.

من مصلحة الجميع تركيز طاقتهم في إيجاد الحلول من خلال الحوار والمفاوضات في ظل بيئة من الهدوء، وربما بيئة وقف لإطلاق النار. ربما لا يكون عزل أي طرف أو تصنيفه ضمن هذه الفئة مفيدًا ولن يحقق ما نريد جميعًا أن نراه، وهو إنهاء هذا الصراع.

أندرو باراسيليتي:

كان هناك حديث وشائعات لبعض الوقت عن أن عُمان قد تكون من بين الدول العربية المقبلة التي ستنضم إلى الاتفاقات الإبراهيميةهل هذا احتمال؟  وتحت أي ظروف ستكون عمان مستعدة لاتخاذ هذه الخطوة؟

السيد بدر:

اسمح لي أولا أن أؤكد أن أخطر انقسام ومصدر توتر في المنطقة هو القضية الفلسطينية التي لم تحل بعدهذه حقيقة معروفة ولا يمكن لأحد أن يختلف عليهاالآن، أدى الفشل المستمر في إيجاد حل نهائي وعادل وسلمي لهذه القضية الفلسطينية إلى تعريض المنطقة وجميع الأشخاص الذين يعيشون فيها لعدم الاستقرار الدائم.

وعلى الرغم من أنها ربما ليست السبب الجذري لجميع النزاعات، إلا أنها عامل رئيسي ومحوري في العديد من الحالات التي كانت منطقتنا تواجهها. لطالما دعمت عمان الجهود الحقيقية والثنائية والمتعددة الأطراف لإيجاد حل، بما في ذلك اتخاذ مبادرات رائدة مثل فتح مكتب تجاري في إسرائيل في التسعينيات. لذا، فإن التعامل مع إسرائيل ليس بالأمر الجديدلقد جربناه من قبلوكنّا رواد في هذا المجال. 

على الصعيد متعدد الأطراف، إذا جاز لي أن أشير فقط إلى قصة نجاح مركز الشرق الأوسط لأبحاث تحلية المياه، الذي نواصل استضافته في عمان، كمنظمة تأسست في إطار محادثات مدريد متعددة الأطراف لعملية السلام في الشرق الأوسط، والذي يوضح أن التعاون الواقعي الملموس الذي يستهدف معالجة مشاكل مشتركة ومحددة هو أمر ممكن عبر التفاهم والتعاون.

بينما العلاقات الثنائية موضع ترحيب، ومرحب بها دائمًا، يجب أن نظل مدركين للأهمية الاستراتيجية لرؤية تقدم إزاء حل الدولتين الذي يدعو إليه العالم بأسره. هذه هي أفضل طريقة لتحقيق سلام حقيقي ودائم، وفي الواقع، لتطوير التطبيع الكامل للعلاقات مع دولة إسرائيلإذا كانت هناك تطورات تشير إلى رغبة حقيقية في الانخراط على أساس متعدد الأطراف، مع الالتزام بتحقيق حل الدولتين والسلام الشامل، فإن سلطنة عمان ستكون من بين أول من يقدم دعمها الفعال، تمامًا مثلما فعلنا في التسعينيات، وحتى قبل التسعينيات عندما دعمنا اتفاقيات كامب ديفيد في السبعينيات.

أندرو باراسيليتي:

تتجه عمان ومصر والإمارات من بين العديد من الدول العربية نحو دعم عودة سوريا إلى جامعة الدول العربيةهذا ما تعارضه الولايات المتحدة، فهل عودة سوريا إلى البيت العربي أولوية بالنسبة لعمان وكيف ترى تطور هذا الاتجاه؟

السيد بدر:

عُمان كانت من بين الدول القليلة التي حافظت على علاقتها مع سوريا، على الرغم من أن سوريا أبعدت من جامعة الدول العربية بتجميد عضويتها، لأننا نعتقد دائمًا أنه يجب أن تكون هناك قناة ما للحوار والانخراط مع سوريا.

سوريا عضو مؤسس لجامعة الدول العربية، ودورها محوري. وقد أصبح إعادتها إلى الجامعة صوتا يجب تبنيه بشكل متزايد لأننا نستطيع مساعدتها في إيجاد حل لمشاكلها، من خلال المشاركة والشمولية وليس عن طريق العزلة.

لقد رأينا على مر السنين أننا بالكاد نجحنا في تحقيق أي تقدم عبر عزل سوريا والنظام السوري. وأعتقد أن مشاركتها ربما تكون واعدة أكثر للتوصل إلى حل للأزمة في سوريا. وتشجيعهم على المصالحة مع جميع الأطراف المختلفة الأخرى على الساحة السورية، لإيجاد وصياغة حل سوري لهذه المشكلة، وصياغة مستقبل لهذا البلد المهم في جامعة الدول العربية.

أندرو بارسيليتي:

قبل عام، عُقدت قمة العلا، والتي أدت إلى قيام دول مجلس التعاون الخليجي ومصر إعادة العلاقات مع قطر. عمان والكويت كان لها دور محوري لهذه المصالحة. هل يمكنك التعليق على التطورات خلال العام الماضي بين هذه الدول؟  هل التأمت الجراح كما كنت تتمنى وتتوقع؟

السيد بدر:

يسعدني أن مجلس التعاون الخليجي بعد قمة العلا يمضي قدما في الاتجاه الصحيح، ومستمر في إعادة العلاقات بين أعضائه. إننا نقدر بشدة الجهود التي تبذلها الكويت والآخرون. جميع الأطراف في هذا السياق تجتمع بشكل أكثر انتظاما. لقد عدنا للعمل على جميع المستويات.

استمرت القمم في الانعقاد. ولا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به لاستعادة العلاقات بشكل كامل، ونحن نواصل دعم العلاقات بين قطر وجميع البلدان الأخرى التي شاركت في هذا الأمر.

كانت زيارة جلالة السلطان إلى المملكة العربية السعودية تطوراً هاماً بشكل خاص، وقد أرسلت مجددا رسالة قوية حول تعزيز المزيد من العلاقات بين الجارين الهامين، وأعتقد أنها ترسل الإشارات الصحيحة إلى شعوب دول مجلس التعاون الخليجي بأن الجهود تتقدم وهناك إمكانية للنمو لنا جميعًا، ليستفيد منها الجميع.

نحن سعداء للغاية بالتطورات في العلاقة العمانية السعودية، وفتح المنفذ الحدودي البري بين بلدينا يعد حدثًا تاريخيًا بشكل خاص، وخطوة مهمة نحو مزيد من التعاون الأعمق. لذلك، نحن متفائلون حقًا بأن دول مجلس التعاون الخليجي تتقارب، ببطء لكن بثبات، وهناك العديد من المشاريع التي يتعين تحقيقها والتطورات الرئيسية في البنية الأساسية والتواصل. وذلك سيغير البعد الاقتصادي، ليس فقط في سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، ولكن أيضًا سيعزز العلاقات الديناميكية بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي.

أعلاه ترجمة عربية غير رسمية لملخص المقابلة باللغة الإنجليزية. للاطلاع على النص الإنجليزي أضغط هُنا