كلمة معالي السيد وزير الخارجية في المؤتمر الـ 31 لصناع السياسات العربي الأمريكي
إيجاز للكلمة المسجلة لمعالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية في المؤتمر السنوي الحادي والثلاثين لصنّاع السياسات العربي الأمريكي والذي نظمه المجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية في واشنطن بتاريخ 3 نوفمبر 2022.
أعرب معالي السيد الوزير عن تحياته للمشاركين وأسفه لعدم المشاركة بشكل شخصي في المؤتمر وسعادته بالمشاركة ببعض الأفكار حول موضوع المؤتمر السنوي في هذا العام، معربا عن الشكر والتقدير للمجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية على تنظيم هذا المؤتمر والذي يقدم مساهمة غنية ومطلوبة لفهم التحديات والفرص وما يوصف بأوجه عدم اليقين في العلاقات العربية الأمريكية التي نواجهها معًا اليوم. وأكد معاليه بأنه بتقديم المجلس هذه المساهمة فإنها استمرار في التقليد الرائع الذي أرساه على مدى أربعة عقود تقريبًا، والذي يحظى بتقدير الكثيرين عالميًا، لترويجه للتعاون المدروس والمستنير، المدعوم برؤية إنسانية وعالمية.
كما أعرب معاليه كذلك عن الشكر والتقدير للرئيس المؤسس للمجلس، رئيسه التنفيذي الدكتور جون ديوك أنتوني على إقامة المؤتمر ولجهوده الكبيرة على مر السنين الماضية، مشيرا بأن المؤتمر يقدم حوارا جادا وهادفا من خلال محاولة معالجة السؤال الذي يطرحه هذا المؤتمر حول مستقبل العلاقات العربية الأمريكية، وما هي أوجه عدم اليقين التي نفكر فيها بشأن ذلك والدور الذي تريد الولايات المتحدة أن تلعبه في العالم العربي المعاصر.
وبين معاليه بأنه من وجهة نظر سلطنة عُمان وجيرانها المباشرين في شبه الجزيرة العربية، فإن هذا ينطوي على أسئلة حول مستقبل الخليج، وما هي طبيعة التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة، وكيف يمكن لدول الخليج العربية أن تجمع بشكل أفضل بين علاقاتها مع الولايات المتحدة وعلاقاتها مع القوى الأخرى، مثل الصين وإيران والهند على سبيل المثال، وما هي النتائج الإيجابية الرئيسية التي قد ترغب دول الخليج العربية في متابعتها بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
وقال معاليه، للبدء في الإجابة على هذه الأسئلة – والتطلع إلى الأمام بقدر أقل من عدم اليقين – نحتاج إلى تحويل انتباهنا إلى ما يحدث الآن في الخليج، ومن هناك نتوصل إلى ما يعنيه هذا بالنسبة للعلاقات الأمريكية العربية في السنوات القادمة. لذلك، بينما أحاول تقديم بعض الإجابات، لأقول ما أعتقد أنه “ينتظرنا”، سوف أتحدث على وجه التحديد عن سلطنة عُمان، وحول أفضل طريقة يمكننا من خلالها رسم مسار المستقبل، مشيرا أنه بالامكان تقديم عنصر واحد على الأقل من عناصر اليقين في مناقشتنا هذه، وهو أننا في عُمان ندرك أننا نعيش بالفعل لحظة تحول عميق وتاريخي، المتعلق بالتحول بعيدًا عن الكربون.
ووضح معاليه أنه بالنسبة لأولئك منّا في المنطقة الذين تأثر تطورهم الاقتصادي بشكل عميق باحتياطيات النفط والغاز، فإن هذا التحول له طابع مزدوج. بالنسبة لنا، لا يتعلق الأمر ببساطة بالانتقال بعيدًا عن استهلاك الوقود الأحفوري، بل يتعلق بتحويل الأساس الذي يقوم عليه ازدهارنا الحالي. وذلك مقارنة بالمجتمعات التي تعتبر علاقتها بالوقود الأحفوري في الأساس مسألة استهلاك، حيث أن تحولها بشكل أساسي هو الانتقال من استخدام نموذج واحد لاستخدامات الطاقة إلى آخر، وبالتالي فإنه يمكن لها أن تستمر في أنشطتها الرئيسية لتحقيق الثروة، كما كان من قبل، مدعومة بمصادر طاقة مختلفة دون تغيير الأسس الأساسية للاقتصاد.
وأضاف معاليه بأنه ليس لدى الدول التي تعتمد اقتصاداتها على النفط والغاز هذا الترف المقارن، وعليها أن تحدد كيف يمكنها الاستمرار في تزويد مواطنيها بالعمل والدخل والخدمات العامة والرعاية الصحية والتعليم والحياة الجيدة التي يتمتعون بها، في عالم يتجاوز الوقود الأحفوري. وهذا يعني أنه بينما تتطلع الدول العربية في الخليج إلى المستقبل، قد تحتاج العملية المعقدة لإزالة الكربون إلى إعادة تنظيم عميقة للاقتصاد بأكمله والعلاقات الاجتماعية.
وبين معاليه بعض الخطوط العريضة لعملية إعادة التنظيم هذه والتي بدأت بالفعل في تركيز الاهتمام بها:
أولا، أن الانتقال سيتطلب استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة، وهنا يمكننا أن نرى بالفعل أن ما ينتظرنا قد يكون مثيرًا للغاية، فعُمان، على سبيل المثال، لديها بعض أعلى إمكانات العالم لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حيث تتوفر لديها أشعة الشمس الساطعة على مدار العام ولديها سواحل طويلة تجعلها أكثر من مجرد موقع عطلة جذاب. وأشار معاليه بأن إحدى الدراسات خلصت إلى أن إمكانات الهيدروجين الأخضر في عُمان هي عشرة أضعاف إنتاجها الحالي من النفط والغاز، معربا عن تطلع عُمان وترحيبها الشراكة مع الجانب الأمريكي وغيرهم لتحقيق هذه الإمكانات. وبين معاليه بأنه يجب القيام بالكثير من العمل وستكون هناك حاجة إلى سعة تخزين وتقنيات فعالة لتصدير الطاقة، وأن عُمان تعمل على بناء شراكات مع بعض مؤسسات البحث والتطوير الرائدة في العالم لتحقيق ذلك.
ثانيا: سيكون التطور التكنولوجي حاسمًا في أماكن أخرى أيضًا، حيث نتحرك لتنويع اقتصادنا، نريد بناء شراكات مع مبتكري التكنولوجيا في المستقبل، ودعوتهم لطرح أفكارهم وأعمالهم في عُمان. مؤكدا بأن عمان تعمل على تشجيع الابتكار من خلال دعم الشباب العماني لتطوير المنتجات والخدمات والشركات الصغيرة والمتوسطة التي ستقدمها، وأن رؤية عمان 2040 جعلت هذا أولوية رئيسية: طاقة متجددة، تطبيقات مبتكرة للتكنولوجيا الجديدة، بدعم حكومي للشركات الصغيرة والمتوسطة.
ثالثا: نحن بحاجة إلى التأكد من أن الاقتصاد الجديد، الذي نخطط للانتقال له، هو اقتصاد يوفر لجميع مواطنينا الفرصة للازدهار في عُمان، ونعتقد أنه يمكن تحقيق ذلك على أفضل وجه من خلال تطوير والحفاظ على أعلى مستويات الإدماج الاجتماعي.
وقال معاليه، لذلك يجب أن يكون جزءًا من إعادة التنظيم التي تنطوي عليها عملية الانتقال دورًا نشطًا للحكومة في التأكد من حماية الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعنا، في حين أن أولئك الذين يتمتعون بامتيازات الثروة يساهمون جميعًا بشكل مناسب في رفاهية الجميع.
وأكد معاليه بأن الطريق إلى الاستقرار والأمن يمر عبر الاندماج الاجتماعي والتضامن بين الناس. وأن هذا هو المسار الذي اختارته عمان، وبالتالي، فإن السؤال عمّا ينتظرنا في المستقبل بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية في الخليج يتحول إلى مجموعة جديدة من الأسئلة ذات الصلة، تتمثل في ما الذي يمكن أن تعمله الولايات المتحدة لتشجيع هذا الخيار كخيار للمنطقة، وكيف يمكن تحقيق التزام الولايات المتحدة بالأمن الإقليمي بطريقة جديدة، وكيف يمكن للسياسة الأمريكية في المنطقة أن تدعم حكوماتها ومواطنيها فيما نعتقد أنه الخيار المسؤول، الخيار الذي يوفر أفضل احتمالات الاستقرار الإقليمي. وبمعنى آخر، كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساهم بشكل أفضل في تطوير مفهوم جديد للأمن الإقليمي في الخليج، لا يقوم فقط على موازنة القوى المتنافسة، بل على تنمية التضامن بين الناس.
وقال معاليه بأنه كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، وأن هناك من يقلق بشأن عواقب انسحاب الأدوات التقليدية للقوة الأمريكية – الأفراد، والأسلحة، والحفاظ على شراكات استراتيجية ضد التهديدات السياسية، حيث يخشى البعض أن هذا يعني أن الولايات المتحدة ستوجه انتباهها إلى مكان آخر، مع إعطاء الأولوية للمناطق الأخرى، وترك الخليج والعالم العربي بشكل عام للعيش دون الدعم الأمريكي المستمر. وقال معاليه بأنه لا يعتقد أن هذا هو الحال، وبالتأكيد لا يجب أن يكون كذلك.
ووضح معاليه بأنه نعم كان الانخراط الأمريكي في الخليج مسألة قوة عسكرية وتحالفات استراتيجية واحتواء وتدخل، حيث حدث الكثير في ظروف بالغة الصعوبة. لكن في المستقبل، إذا فهمنا الأمر بشكل صحيح، فإن المشاركة الأمريكية في المنطقة ستدعم الأمن والاستقرار والازدهار بشكل أكثر فاعلية مما كانت عليه من خلال هذه الوسائل التقليدية. وأكد بأنه يمكن القيام بذلك إذا عملت الولايات المتحدة – حكومتها، وشركاتها التجارية، ورجال الأعمال في مجال التكنولوجيا، والمعلمين، والمفكرين – مع دول المنطقة لتطوير وتنفيذ السياسات التي تسعى إلى إزالة الكربون، وتحقيق التنوع الاقتصادي، وتعزيز الاندماج الاجتماعي.
النص أعلاه إيجاز غير رسمي لكلمة معالي السيد الوزير باللغة الإنجليزية. للإطلاع على نص الكلمة باللغة الانجليزية اضغط هنا.