un-speech

كلمة سلطنة عُمان أمام الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة

Published On: 23 سبتمبر 2023

معالي الرئيس: دينيس فرانسيس،

بداية نود أن نخصكم ولبلدكم الصديق ترينيداد وتوباجو بالتهنئة الحارة على انتخابكم رئيساً للدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. كما نود أن نسجل تقديرنا الكبير لجهود رئيس الدورة السابقة من المجر الصديقة على حسن الإدارة والتدبير.

لا يفوتنا أيضا أن نتوجه بالتحية والاحترام لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لجهوده الخيّرة في سبيل ترسيخ وتحقيق المبادئ والأهداف التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة وقيم العدالة والسلام في ربوع العالم، ودعمه لأهداف التنمية المستدامة والتعاون الدولي الفعّال لمكافحة التحديات المشتركة لعالمنا، مؤكدين تعاون سلطنة عمان الثابت مع المجتمع الدولي في هذا الشأن.

الحضور الكريم،

إن الحوار مبدأٌ ثابتٌ ومنهج قوي في السياسة الخارجية لسلطنة عُمان، لما لذلك من تأثير فعّال لتحقيق المصالحة والوفاق والسلام بين سائر الأطراف المتنازعة.

ونود هنا أن نغتنم الفرصة للتأكيد على التزام سلطنة عُمان الراسخ بمشاركة الأسرة الدولية في سعيها لبلوغ نظام عالمي سلمي، قوامه العدل والإنصاف واحترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

ووفقا لذلك فإن بلادي تناشد المجتمع الدولي على التمسك بمنظومة الأمم المتحدة في معالجة النزاعات وتسوية الصراعات، وانتهاج الحوار سبيلا للتوصل إلى الحلول السلمية لها، والتفاوض على بناء عالم تسوده الحياة الكريمة ويعمّه الرخاء والاستقرار والأمن والسلام.

معالي الرئيس،

تربطنا بالأمم وحدة المبادئ والأهداف، والتي تتحقق بها غاياتنا وتسمو فضائلنا. وإننا سنبقى بعون الله داعمين للحق والقضايا العادلة.

إن القضية الفلسطينية تأتي في مقدمة القضايا التي طال عليها الزمن، بل نال منها الظلم لأكثر من سبعين سنة، والشعب الفلسطيني يقف صامدا في وجه الاحتلال الإسرائيلي الغاشم والحصار والتنكيل، وانتهاك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.

وعليه فإن بلادي، وكسائر الدول والمجتمعات المحبة للسلام، لا ترى مجالا بديلا لتسوية هذه القضية دون حل الدولتين المنصوص عليه في القرارات والمرجعيات الشرعية الدولية، بما فيها مبادرة السلام العربية.

إن على الأمم المتحدة مسؤولية أخلاقية وقانونية لإيجاد حل عادل ومنصف لهذه القضية، يكفل وقف المعاناة المريرة التي يتحملها الشعب الفلسطيني، وإعادة حقوقه المشروعة في الحرية وتقرير المصير، وذلك بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة منذ عام 1967, وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.

معالي الرئيس،

ان التداعيات المحيطة بالأزمة الروسية الأوكرانية والتصعيد الأمني والعسكري لها، فضلا عن الآثار الإنسانية المؤلمة، تشكل تهديدا بالغا للسلم العالمي وانسياب سلاسل إمدادات الطاقة والغذاء. كما تشكل تحديا خطيرا للتعاون الدولي والنظام العالمي القائم على احترام القانون وميثاق الأمم المتحدة.

لذا تدعو بلادي إلى الاحتكام إلى الحوار والمفاوضات السلمية على قاعدة “لا ضرر ولا ضرار” واحترام سيادة الدول وسياسة حسن الجوار وإزالة مكامن ومسببات هذه الأزمة.

معالي الرئيس،

تعمل سلطنة عُمان على تنفيذ العديد من الخطط والبرامج الهادفة إلى التكيف مع تغيّر المناخ والحد من آثاره. كما تعمل على تحفيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، وفق استراتيجية الحياد الصفري الكربوني 2050.

وتتجه بلادي للمشاركة الفعّالة في الدورة القادمة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغيير المناخ (كوب-28) والذي سيعقد في شهر نوفمبر المقبل بإمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.

إن رؤية عُمان 2040 هي بوابة بلادي نحو التنمية المستدامة وتجاوز التحديات ومواكبة المتغيرات الإقليمية والعالمية.

معالي الرئيس،

إن التطوير المتواصل للنظام التعليمي بجميع مستوياته وتحسين مخرجاته هو أمر ضروري لبناء الإنسان وتمكينه في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والنهوض بها.

إن جائحة كوفيد – 19 كانت درسا لجميع الدول لمراجعة آليات التأهب والاستجابة للطوارئ الصحية وتعزيز قدراتها، ولعل أهم الدروس المستقاة، أهمية الاستعداد المبكر في التعامل مع مخاطر ومهددات الصحة العامة، فضلا عن الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي. وقد نظمت بلادي مؤتمرا وزاريا عالميا يهدف إلى وضع الحلول لمقاومة الميكروبات للمضادات وتسريع وتيرة التعاون على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية للحد من نمو هذا الخطر على الصحة العامة وعلى المقومات الاقتصادية للدول.

لذا ندعو الجميع إلى تشجيع الشراكة في البحث والابتكار والتصنيع للتوصل إلى بدائل وقائية وعلاجية للحد من آثار الأوبئة ومنع انتشارها.

معالي الرئيس،

تسعى بلادي بشكل جدّي إلى ترسيخ حقوق الإنسان والالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة من أجل تطوير مجتمعٍ دولي عادل يتبنى الاحترام المطلق لكرامة الإنسان وحقوقه والقيم الدينية والثقافية للدول.

ومن هذا المنطلق فإن بلادي ترفض وتستنكر كافة الأعمال التحريضية الداعية إلى العنف والكراهية والتمييز على أساس الدين أو العرق.

وتدعو المجتمع الدولي إلى إيجاد تشريع واضح وصريح يجرّم هذه الأعمال التي تهدد السلم والاستقرار الإجتماعيين، بل تهدد الأمن الوطني للدول والمجتمعات.

معالي الرئيس،

نحن أمام تحديات عالمية معقدة، أبرزها تصاعد أزمة المناخ وانتشار الأوبئة وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى الصراعات السياسية والطائفية. ولذا فإننا نناشد الأسرة الدولية بالتمسك بحزم بمبادئ الحق والعدالة وتطبيق قواعد القانون الدولي دون ازدواجية في المعايير، حتى يسود الأمن والاطمئنان بين البشر وتنتشر الثقة بين الدول وتنمو الشراكات بين الشعوب وتزدهر.

وفي الختام فإننا نعرب عن أملنا لهذه الدورة بالنجاح والتوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته