سلطنة عمان تستضيف المؤتمر الثامن للمحيط الهندي تحت شعار “رحلة نحو آفاق جديدة من الشراكة البحرية”
افتتحت سلطنة عمان اليوم أعمال المؤتمر الثامن للمحيط الهندي، الذي يعقد تحت شعار “رحلة نحو آفاق جديدة من الشراكة البحرية”، بحضور نخبة من الوزراء والمسؤولين والخبراء والمختصين في الشؤون البحرية والاقتصادية والدبلوماسية من مختلف دول العالم.
ويأتي هذا المؤتمر بتنظيم من وزارة الخارجية وبالتعاون مع مؤسسة الهند، وبدعم من كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، حيث يهدف إلى مناقشة الفرص والتحديات التي تواجه دول المحيط الهندي، وتعزيز التعاون الإقليمي في المجالات البحرية والاقتصادية والأمنية.
خلال الجلسة الافتتاحية، ألقى معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية، كلمة رحب فيها بالمشاركين، مؤكدًا أهمية المؤتمر في توطيد الشراكة البحرية بين دول المنطقة، وتعزيز الحوار حول القضايا المشتركة.
وأشار معاليه إلى أن المحيط الهندي ليس مجرد مسطح مائي، بل يمثل شريانًا اقتصاديًا رئيسيًا ومنصة للتبادل التجاري وجسرًا للتواصل بين الشعوب.
وأكد معاليه على أن الرؤية الاقتصادية لسلطنة عمان ترتكز على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، خصوصًا في مجالات الاقتصاد الأزرق والبنية التحتية للموانئ والخدمات اللوجستية. كما شدد على أهمية حماية البيئة البحرية، وضمان حرية الملاحة، وتعزيز قدرة المجتمعات الساحلية على مواجهة تغير المناخ والتحديات الاقتصادية.
وأوضح معالي السيد أن الشراكة بين دول المحيط الهندي لا تقتصر على القضايا البحرية فقط، بل تمتد إلى مجالات الطاقة والتكنولوجيا والتنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن سلطنة عمان تؤمن بسياسة تعزيز الحوار، واحترام التعددية، والبحث عن نقاط الالتقاء بدلًا من الاختلاف. وأضاف:
“ندعو الجميع إلى تبني نهج قائم على الثقة والقيادة بالقدوة الحسنة والاستماع والتعاطي البناء والاحترام المتبادل، وهو ما يمكننا من تحقيق فهم أعمق لوجهات النظر المختلفة وتعظيم الاستفادة من تجارب شركائنا.”
واستعرض معاليه التاريخ البحري العريق لسلطنة عمان، مشيرًا إلى أن السلطنة كانت دائمًا أمة بحرية، حيث شكل المحيط الهندي على مر العصور بوابة للتجارة وتبادل الثقافات. وأوضح أن التعاون البحري لم يكن ليتحقق إلا من خلال الحوار ووضع القواعد والتعاون لتنفيذها، على أساس الثقة المتبادلة بين الشركاء، مستشهدًا بتطور قوانين البحار عبر التاريخ، بدءًا من البيزنطيين في القرن السابع، مرورًا بالفقيه الهولندي هوغو غروشيوس في القرن السابع عشر، وصولًا إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في القرن العشرين.
وأكد معاليه أن الشراكة هي السبيل الوحيد لضمان أمن وازدهار المحيط الهندي، مشددًا على أن السيادة البحرية وحرية الملاحة لا يمكن تحقيقها من خلال السياسات العدائية أو القوة العسكرية، بل من خلال التعاون والانخراط البناء. وأضاف أن دول الجنوب بحاجة إلى التحدث بصوت واحد لتعزيز الأمن البحري، ومعالجة التحديات المشتركة مثل القرصنة، الصيد غير القانوني، والجريمة العابرة للحدود.
كما أكد معالي السيد وزير الخارجية أن سلطنة عمان تنظر إلى جميع الدول كشركاء في الأمن والازدهار المشترك، مشددًا على التزام السلطنة بتعزيز شراكة شاملة في المحيط الهندي، تضمن نصيبًا عادلًا للجميع، سواء في الشمال أو الجنوب.
كما دعا إلى تعزيز المنصات متعددة الأطراف التي تدعم التعاون وبناء القدرات والمسؤولية المشتركة للحفاظ على أمن المحيط الهندي واستدامته.
واختتم معاليه كلمته بالتأكيد على أن المحيطات شكلت تاريخنا المشترك، وهي اليوم تمثل مصدرًا للأمن والاستقرار والازدهار. وشدد على أن هذا المؤتمر يمثل فرصة لتوحيد الجهود والاستفادة من التنوع الموجود بين دول المنطقة، قائلًا:
“هذا المؤتمر هو فرصة لتوحيد جهودنا والاستفادة من تنوعنا، بينما نبحر معًا نحو آفاق جديدة من الشراكة ومستقبل أكثر إشراقًا.”
وسيناقش المؤتمر على مدار يومين الفرص والتحديات التي تواجه دول المحيط الهندي، مع التركيز على التعاون في مجالات التجارة البحرية، الطاقة المتجددة، الأمن البحري، والابتكار التكنولوجي.
يعكس استضافة سلطنة عمان لهذا المؤتمر دورها الريادي في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في المحيط الهندي، والتزامها بدعم الحوار البنّاء والشراكات المستدامة لضمان مستقبل أكثر ازدهارًا للجميع.
